الخميس، 6 أكتوبر 2011

عيون سابحة فى الفضاء

بدءا ببث البرامج التلفزية مرورا بالمكالمات التليفونية وانتهاء بنشرات الآحوال الجوية تلعب الآقمار الصناعية دورا مهما فى حياتنا اليومية ، وربما تعطيك هذه الأمثلة نموذجا عن مدى تأثير الأقمار الصناعية السابحة فى الفضاء بعيدا عن الأرض فى حياتنا اليومية .


قمر وشمس وبطارية

نبعت فكرة الأقمار الصناعية من وجود القمر الذى يدور حول الأرض كرة كل شهر ،
ففكر الانسان فى صنع أقمار تدور فى الفضاء حول أجسام أخرى مثل الكواكب أو الكويكبات أو الارض، ويمكنها بذلك مساعدة الناس فى دراسة الكون وارسال المعلومات، وحتى يبلغ أى قمر صناعى مداره ينبغى أن يتم تحميله على صاؤوخ ؛ ليتم اطلاقه فيما بعد ليسبح فى بعد ذلك ينفصل القمر الصناعى عن الصاروخ ، ويستمر القمر الصناعى فى تنفيذ وظيفته  أو مهمته المكلف بها .

الأقمار الصناعية جميعها مزودة بما تحتاج اليه من أجل العمل بكفاءة عالية ، فألواح الطاقة الشمسية تجمع الطاقة الشمسية من أجل القوة المحركة ،بينما تقوم البطرية بتخزين الطاقة للأوقات التى لا تستطيع فيها اشعة الشمس الوصول للقمر الصناعى ، أما التحكم فى القمر ومهامه الوظيفية فيتم من الأرض ؛ حيث يستخدم العلماء الاشارات اللاسلكية لارسال التعليمات لأجهزة الكومبيوتر المزروعة فى القمر الصناعى لهذا الغرض ، فعلى سبيل المثال ، أقمار الاتصالات communnications satellite لديها هوائيات ضخمة لاستقبال وارسال الاشارات .

أخطاء قاتلة 

قد تبدو الصورة وردية ، لكن الحقيقة غير ذلك على الاطلاق ، فمع كل هذه المعدات تحدث أخطاء هائلة تتسبب فى فشل مهمة القمر الصناعى ، وأشهر أمثلة على هذه الأخطاء هى نفاد البطاريات المخزنة للطاقة ، أو عطل فى أجهزة الكومبيوتر الموجودة على القمر الصناعى ، أو لتعرض لموجات شديدة من أشعة الشمس تتسبب فى حرق الأجهزة الحساسة للقمر الصناعى، وأحيانا تأتى المشكلة من المدارات التى يدور فيها القمر حول الأرض ومقدار قربها من الغلاف الجوى للأرض، فقد يؤدى الهواء الى ابطاء حركة القمر فى مداره ؛ مما يؤدى الى اقترابه من الأرض أكثر على النحو الذى يجعله يمر عبر الغلاف الجوى ، ويتسبب فى احتراقه على الفور بسبب احتكاك الهواء بجسم القمر الصناعى . لقد بدأت شرارة البدء فى سباق الأقمار الصناعية مع أول قمر سوفييتى تم تصنيعه وكان يدعى "سبوتنيك1 "  sputnik 1 ، وتم اطلاقه فى الفضاء فى الرابع من أكتوبر عام 1957 م ،وفى عشية وضحاها بدأ عصر جديد من استكشاف الفضاء لننتهى بالاعتماد الكامل على الأقمار الصناعية فى تنفيذ العديد من المهام ، فاليوم يوجد أكثر من 1000 قمر صناعى بشكل فعال فى الفضاء .


حديث السماء 


أقمار الاتصالات لها نصيب الأسد من بين ألف قمر صناعى من الأقمار الموجودة بالخارج ؛ اذ يصل عددها الى حوالى 600 قمر من اجمالى عدد الآقمار، وتؤدى هذه الأقمار دور محطات اعادة البث relay station.هاهى طريقة عملها  أولا : تنتقل الموجات اللاسلكية من تليفونك المحمول الى أقرب برج ارسال لك،  ثانيا : ينقل البرج بدوره الموجات لأحد الأقمار الصناعية ، وعندما تصل الاشارة فان القمر الصناعى يقوم بارسالها الى برج ارسال اخر على الأرض فى "بورتوريكو"، وهذه هى الخطوة الثالثة .

يعمل التليفزيون بحيث يعاود القمر الصناعى بث البرامج التلفزيونية من محطة بث مركزى الى محطة تلفزيون محلية ، بينما تغذى المحطة المحلية البرامج عبر كابل أو عبر موجات الأثير الى منزلك ، واذا كان لديك طبق استقبال خاص فان القمر الصناعى يرسل البرامج مباشرة الى منزلك . لكى تتم العملية بنجاح لابد من توافر بضعة شروط ، أولها أن تكون أقمار الاتصال فى المكان الصحيح حتى تتلقى وترسل الاشارات، لكنها مع ذلك تظل حركة فى حركة دائمة، دون أن تتأثر مهامها،ويكم السر فى الطريقة التى تدور بها حول الأرض ؛حيث تدور الأقمار الصناعية خط الاستواء بنفس المعدل الذى تلف به الأرض حول محورها ،وهكذا يكون القمر الصناعى دائما فوق نفس النقطة على كوكب الأرض، أى يمكنك تخيل وجود برج لاسلكى غير مرئى يحمل القمر ويثبته فى مكانه دائما، وأن هذا البرج عال جدا لدرجة أن ارتفاعه يصل الى 35.786 كم .


مراقبون أرضيون


يمكن للأقمار الصناعية الاتصال بالناس بطرق أخرى غير مباشرة، من خلال مراقبتها للأرض على الدوام فهل تساءلت يوما ؛ كيف يستطيع خبراء النشرة الجوية التنبؤ بالطقس ؟ انهم يستخدمون الأقمار الصناعية المخصصة لهذا الغرض ؛ اذ تظهر صور الأقمار الصناعية أماكن تشكل السحب ؛ وهكذا تساعد الخبراء فى التنبؤ بالعواصف الكبرى مثل الآعاصير الأمر الذى يكون بمثابة مسألة حياة أو موت . معظم الأقمار التى تتنبأ بالطقس تطوف فى مدار قطبى ، أى المدارات التى تتبع الخطوط الطولية بين القطب الشمالى والجنوبى، تخيل الأمر معى ، فبينما يحلق القمر الصناعى حول الكرة الأرضية بين القطبين حركة طولية تدور الأرض بسرعة حول محورها؛ ممايساعد للقمر الصناعى بمراقبة الكوكب بأكمله تقريبا؟، كما تساعد الصور الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية فى معرفة الغابات المهددة بالفناء ، وفى دراسة ظاهرة الاحتباس الحرارى والتى تعنى ارتفاعا عالميا فى درجة حرارة كوكب الأرض؛ حيث تقيس الأقمار كم الجليد الذى يذوب بمرور الوقت؛ مما يساعد فى ادراك الوضع الحقيقى للمشكلة .وليس هذا كل شىء؛ لأن الأقمار الصناعية الموجودة بالفضاء الخارجى تؤدى عملها على مدار 24 ساعة،وتعمل على ربط العالم كله وامداده بالمعلومات اللازمة والمرتبطة بايقاع حياتنا اليومية؛ مما جعلنا نعتمد عليها ونثق فى المعلومات والصور الواردة الينا عبر هؤلاء المراقبين الأرضيين .  


جاسوس غير تقليدى

هناك محاولات لاستخدام الأقمار الصناعية فى التوقع بحدوث الزلازل؛لأنه من المعروف أن تحرك طبقة من طبقات القشرة الأرضية أثناء الزلزال تنتج أمواجا لاسلكية؛وهى بالتالى يمكن استقبالها عبر الأقمار فقط، ولوتم التقاطها فى الوقت المناسب يمكن معرفة متى وأين سيحدث الزلزال، فكم عدد الأرواح التى سيتم انقاذها بهذه الطريقة؟تمثل الأقمار الصناعية المزروعة فى الفضاء جواسيس دائمة الرصد،فى الافلام نجد أن حياة أى جاسوس مزدحمة بالحركة ومليئة بالمغامرات، لكن فى الواقع العديد من الجواسيس هى مجرد أقمار صناعية تدور هادئة فى مدارها ، لكنها تخبرنا عن حركة السلاح الموجودة فى الدول الأخرى، حتى انها ترصد الموجات
اللاسلكية الصادرة عن جيوش دول أجنبية.


عيون فى الفضاء

ليست كل عيون الأقمار الصناعية موجهة نحو الأرض،بل هناك عيون أخرى يتم توجهيها الى الفضاء الخارجى لدراسة الكون حولنا؛ حيث تقوم بالقاء نظرة الى الخارج كى تساعدنا فى دراسة الأماكن التى يصعب الوصول اليها، فقد أمكننا اكتشاف المدة الزمنية التى ينبغى على رواد الفضاء السفر خلالها اذا أرادوا زيارة أحد الكواكب فمثلا لزيارة كوكب نبتون على رائد الفضاء أن ينطلق مسافرا لنحو 10 سنوات. هذه هى المدة التى يستغرقها الوصول الى حافة نظامنا الشمسى .

بفضل الأقمار الصناعية يستطيع العلماء استكشاف ماهو أبعد من كوكب نبتون،ربما تكون سمعت عن تلسكوب هابل الفضائى The Hubble Space Telescope، انه واحد من أشهر الأقمار الصناعية التى تم اطلاقها،فهذا التليسكوب يسير فى مدار حول كوكب الأرض منذ عام 1990،
 هابل

ولقد ساعد تلسكوب هابل الفضائى وغيره من تلسكوبات الفضاء الأخرى العلماء فى فهم أفضل للكون،بما فى ذلكتحديد عمره (وتم تقدير عمر الكون ب 13.7 بليون سنة ) والمواد التى تكون منها،وهاهى بعض الصور التى التقطها هابل وهى صور مذهلة للفضاء الخارجى .

مشهد فضائى: التقط التليسكوب هابل هذه الصورة لمجموعة من النجوم تبعد "كدريليون" (رقم مؤلف من واحد الى  جانبه 15 صفرا) ميل عن الأرض.


مجوعة من النجوم الخلابة تعرف باسم "الثريا" ، التقط هذه الصورة التلسكوب الفضائى هابل.
 

تحديد الاتجاهات
 
اّه لقد عدنا مجددا الى كوكب الأرض؛حيث ستجد العديد من الأشخاص يعتمدون على تقنية نظام تحديدالمواقع العالمى GPS فى تحديد الاتجاهات ومعرفة الطرقة ، ربما تكون قد ركبت من قبل احدى السيارات المزودة بالة تخبر السائق أين يذهب، هذه الالة تعتمد على مجموعة من نحو 20 قمرا صناعيا، وهى المقصودة بالنظام العالمى لتحديد المواقع، وتقوم أقمار نظام تحديد الموقع العالمى GPS  Global Positioning system بارسال اشارات لاسلكية بخطوط العرض والطول الخاصة بها فوق الكرة الأرضية، أما الجهاز الموجود فى السيارة أو فى يد أى شخص فان دوره هو تلقى الاشارات ؛ لاستخدامها فى تحديد المسافة التى قطعتها والوجهة التى تقصدها، وتحديد المكان الموجود به وبعد ذلك يبدأ فى اعطائك الاتجاهات. تساعد الأقمار الصناعية الناس فى معرفة الاتجاهات فى البحار أيضا، فعندما تتعرض سفينة لمشكلة ما يطلق طاقم  السفينة شعلة طوارىء(طلقة استغاثة)، وترسل هذه الاشارة الى قمر صناعى خاص؛ حيث يقوم فيما بعد باعادة ارسال موقع الشعلة (الطلقة) الى احدى فرق الانقاذ، ومنذ عام 1982 ساعدت الأقمار الصناعية على انقاذ حياة نحو 24 ألف شخص. من يدرى ؟ الأشياء التى قد تبدو غير ممكنة اليوم قد تكون ممكنة غدا بفضل الأقمار الصناعية .




حمم بركانية متوهجة : هذه صورة لبركان نشط تم أخذها بواسطة قمر صناعى من ارتفاع كبير عن الأرض،
ويستخدمها العلماء لمراقبة التغيرات فى فوهة البركان ومسار الحمم البركانية.


انتهى 

_

 

هناك تعليقان (2):